التعصُّب القبلي


التعصُّب القبلي

الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد؛
فلقد بعث الله نبيه صلى الله عليه وسلم في أمة متناحرة، فاستطاع بتوفيق الله أن يؤلِّف بينهم، كان أحدُهم يقتل قريبه على مورد الشاة، وكانت الحروب تستمر سنوات بينهم لأتفه الأسباب، فوحَّد صفهم، وجمع على الحق كلمتهم، والتقت تحت شجرة الحب في الله قلوبهم، قال تعالى لهم: {وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا} [آل عمران/ 103].
فليس رابطةٌ أعظم من رابطة الإيمان، قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات/10]، وقال صلى الله عليه وسلم: «الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ» متفق عليه.
أبعد هذه الرابطة العظيمة يتعصب إنسان لقبيلة أو لنسب؟!!
 
فلماذا خلق الله الناس قبائل؟
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات/13].
فبين الله الإجابة في هذه الآية.
ومن الفوائد في هذه الآية أنَّ الله لما أخبر بأنه جعلنا شعوبا وقبائل ذكر في الآية نفسها ثلاثة أمور تمنعنا من التفاخر بالقبيلة والعصبية لها..
الأول: {إنا خلقناكم من ذكر وأنثى} فالناس كلهم لآدم، فبأي منطق يفخر بعضنا على بعض والأصل واحد؟!!
الثاني: {لتعارفوا} وليس (لتفاخروا)
الثالث: {إن أكرمكم عند الله أتقاكم} فصرَّح بالمعيار الذي يكونُ به التفاضل؛ ليس النسبَ ولا القبيلة، وإنما الإيمان والتقوى.
 
التفاضل عند الله بالتقوى لا بالقبيلة
{إن أكرمكم عند الله أتقاكم}.
وفي مسند أحمد، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ  رضي الله عنه  أنه سَمِعَ من حدثه بخطبة النبي صلى الله عليه وسلم فِي وَسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، قَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَلَا إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ، وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ، أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى أَعْجَمِيٍّ وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلَا لِأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلَّا بِالتَّقْوَى، أَبَلَّغْتُ»؟ قَالُوا: بَلَّغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فلا يمكن أن يكون التفاضل عند الله بنسبنا وقبائلنا..
فهذا ولد نوح عليه السلام لما كفر لم ينتفع بأبوة نبي الله. قال تعالى: {وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ (42) قَالَ سَآَوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ (43) وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (44) وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ (45) قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (46) قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [هود/42-47].
ووالد إبراهيم عليه السلام من أصحاب الجحيم. {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ إِلا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأَوَّاهٌ حَلِيمٌ} [التوبة/114].
وقد قال ذلك بعدما نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يستغفر لمن مات من قرابته على الكفر: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} [التوبة/113].
وعمَّا رسول الله صلى الله عليه وسلم – أبو طالب وأبو لهب- في النار. قال تعالى في شأن أبي لهب: { تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1) مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (2) سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ (3) وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (4) فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ} [المسد/1-5].
وفي الصحيحين عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} قَالَ: «يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ، لَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا. يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ، لَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا. يَا عَبَّاسُ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، لَا أُغْنِي عَنْكَ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا. وَيَا صَفِيَّةُ عَمَّةَ رَسُولِ اللَّهِ لَا أُغْنِي عَنْكِ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا. وَيَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَلِينِي مَا شِئْتِ مِنْ مَالِي لَا أُغْنِي عَنْكِ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا».
وفي صحيح مسلم قال صلى الله عليه وسلم: «وَمَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ».
والله يقول: {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ (101) فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (102) وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ}  [المؤمنون/101-103]
وعند ابن ماجة وفي المعجم الكبير للطبراني، عَنْ سَهْلِ بن سَعْدٍ  رضي الله عنه ، قَالَ: مَرَّ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: «مَا رَأْيُكَ فِي هَذَا»؟ قال سهل: هَذَا رَجُلٌ مِنْ أَشْرَافِ النَّاسِ، هَذَا حَرِيٌّ إِنْ خَطَبَ أَنْ يُنْكَحَ، وَإِنْ شَفَعَ أَنْ يُشَفَّعَ، وَإِنْ قَالَ أَنْ يُسْمَعَ لِقَوْلِهِ. ثُمَّ مَرَّ رَجُلٌ، فَقَالَ: «مَا رَأْيُكَ فِي هَذَا»؟ قُلْتُ: هَذَا رَجُلٌ مِنْ فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ، هَذَا حَرِيٌّ إِنْ قَالَ أَنْ لا يُسْمَعَ لِقَوْلِهِ، وَإِنْ خَطَبَ أَنْ لا يُنْكَحَ، وَإِنْ شَفَعَ أَنْ لا يُشَفَّعَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «لَهَذَا خَيْرٌ مِنْ مِلْءِ الأَرْضِ مِثْلَ هَذَا».
وفي مسند أحمد قال صلى الله عليه وسلم: «انْتَسَبَ رَجُلَانِ عَلَى عَهْدِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ أَحَدُهُمَا: أَنَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ حَتَّى عَدَّ تِسْعَةً، فَمَنْ أَنْتَ لَا أُمَّ لَكَ؟ قَالَ: أَنَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ ابْنُ الْإِسْلَامِ. فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام: أَنَّ هَذَيْنِ الْمُنْتَسِبَيْنِ أَمَّا أَنْتَ أَيُّهَا الْمُنْتَسِبُ إِلَى تِسْعَةٍ فِي النَّارِ فَأَنْتَ عَاشِرُهُمْ، وَأَمَّا أَنْتَ يَا هَذَا الْمُنْتَسِبُ إِلَى اثْنَيْنِ فِي الْجَنَّةِ فَأَنْتَ ثَالِثُهُمَا فِي الْجَنَّةِ».
ولا يخفى علينا كيف رفع الله من شأن أناس لا علاقة لهم بقريش ولا بالعرب؛ بتقواهم لله.
مرَّ أبو سفيان عَلَى سَلْمَانَ وَصُهَيْبٍ وَبِلَالٍ فِي نَفَرٍ، فَقَالُوا: وَاللَّهِ مَا أَخَذَتْ سُيُوفُ اللَّهِ مِنْ عُنُقِ عَدُوِّ اللَّهِ مَأْخَذَهَا. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَتَقُولُونَ هَذَا لِشَيْخِ قُرَيْشٍ وَسَيِّدِهِمْ؟ فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: «يَا أَبَا بَكْرٍ لَعَلَّكَ أَغْضَبْتَهُمْ؟ لَئِنْ كُنْتَ أَغْضَبْتَهُمْ لَقَدْ أَغْضَبْتَ رَبَّكَ». فَأَتَاهُمْ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ: يَا إِخْوَتَاهْ أَغْضَبْتُكُمْ؟ قَالُوا: لَا يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ يَا أَخِي. رواه مسلم.
غضب الله في غضب فارسي، ورومي، وحبشي.
وصهيب هذا هو الذي جاء في فضله قول نبينا صلى الله عليه وسلم: «ربح البيع أبا يحيى» رواه الطبراني.
وفي صحيح مسلم عن جابر  رضي الله عنه : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أُرِيتُ الْجَنَّةَ، فَرَأَيْتُ امْرَأَةَ أَبِي طَلْحَةَ، ثُمَّ سَمِعْتُ خَشْخَشَةً أَمَامِي فَإِذَا بِلَالٌ».
والخشخشة: صوت احتكاك اليابس بعضه مع بعض.
وفي سلمان ورد قولُ النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الْجَنَّةَ لَتَشْتَاقُ إِلَى ثَلَاثَةٍ: عَلِيٍّ، وَعَمَّارٍ، وَسَلْمَانَ».
 
التعصب القبلي ممقوت مذموم
لقد أعلن النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَذْهَبَ عَنْكُمْ عُبِّيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ([1]) وَفَخْرَهَا بِالْآبَاءِ، مُؤْمِنٌ تَقِيٌّ وَفَاجِرٌ شَقِيٌّ، أَنْتُمْ بَنُو آدَمَ وَآدَمُ مِنْ تُرَابٍ، لَيَدَعَنَّ رِجَالٌ فَخْرَهُمْ بِأَقْوَامٍ إِنَّمَا هُمْ فَحْمٌ مِنْ فَحْمِ جَهَنَّمَ أَوْ لَيَكُونُنَّ أَهْوَنَ عَلَى اللَّهِ مِنْ الْجِعْلَانِ الَّتِي تَدْفَعُ بِأَنْفِهَا النَّتِنَ» رواه أبو داود والترمذي.
 
وفي سنن أبي داود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ليس منا من دعا إلى عصبية، وليس منا من قاتل على عصبية، وليس منا من مات على عصبية». وهذا الحديث قوى إسناده ابن باز رحمه الله وغيره.
والدعوة إليها: حث الناس على التعصب القبلي. وقاتل عليها: قاتل مع قومه لأنهم قومه لا لأنهم على الحق، ومات عليها: مات على هذا وأفنى فيه عمره ولم يتب.
وفي مسلم، عَنْ جُنْدَبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ  رضي الله عنه  قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قُتِلَ تَحْتَ رَايَةٍ عُِمِّيَّةٍ يَدْعُو عَصَبِيَّةً، أَوْ يَنْصُرُ عَصَبِيَّةً، فَقِتْلَةٌ جَاهِلِيَّةٌ»
وفيه أيضاً: «َمَنْ قَاتَلَ تَحْتَ رَايَةٍ عِمِّيَّةٍ يَغْضَبُ لِعَصَبَةٍ، أَوْ يَدْعُو إِلَى عَصَبَةٍ، أَوْ يَنْصُرُ عَصَبَةً، فَقُتِلَ فَقِتْلَةٌ جَاهِلِيَّةٌ».
العُِمِّيَّة: الأمر الأعمى لا يستبين وجهه.
يغضب لعصبة: يغضب لقومه ولو كانوا على الباطل.
ويدعو لعصبة: يدعو غيرن للتعصب القبلي.
وينصر عصبة: يقاتل معهم ولو كانوا ظالمين، كحال الأول الذي قال:

وما أنا إلا من غُزَيَّة إن غوت  —   غويتُ وإن ترشُد غزية أرشد

وأما معنى «فقتلة جاهلية»: أي: مات على ضلالة كما يموت أهل الجاهلية عليها، ومات كموتهم فإنهم يموتون لذلك، للعصبية.
وفي الصحيحين عن جابر  رضي الله عنه  قَالَ: كُنَّا فِي غَزَاةٍ، فَكَسَعَ رَجُلٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ: يَا لَلْأَنْصَارِ! وَقَالَ الْمُهَاجِرِيُّ: يَا لَلْمُهَاجِرِينَ! فَسَمِعَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «مَا بَالُ دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ»؟ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَسَعَ رَجُلٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ. فَقَالَ: ­«دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ».
والكسْع: ضرب الدبر باليد أو بالرجل.
وكلُّ من طلب العزَّة بأصله ففيه شبهٌ من إبليس لعنه الله {قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} [الأعراف/12].
 
سد الذرائع المفضية إلى التعصب القبلي
فمما يفضي إلى التعصب الفخر بالأحساب؛ فلا يزال الرجل يفخر ويُعَدِّدُ مآثر آبائه حتى يتعصب لذلك. ومما يفضي إليه الطعن في النسب، فالمطعون فيه قد يدفع ذلك بالتعصب المقيت.
وهذان الأمران محرمان في دين الإسلام.
عن أبي هريرة  رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاثة من الكفر بالله: شق الجيب، والنياحة، والطعن في النسب»  رواه ابن حبان في صحيحه والحاكم.
وللطعن في النسب طريقان:
نفيه، وإلحاق العيب بالقبيلة.
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ثلاث لن تزال في أمتي: التفاخر في الأحساب، و النياحة، والأنواء» رواه أبو يعلى والضياء المقدِسي.
فالحمد والذم بالدين، لا بالنسب والقبائل.
 
لأي شيء يكون الولاء؟
للدين، ولرابطة الإيمان.
{وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ} [المائدة/56]
وفي الصحيحين عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا». فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْصُرُهُ إِذَا كَانَ مَظْلُومًا أَفَرَأَيْتَ إِذَا كَانَ ظَالِمًا كَيْفَ أَنْصُرُهُ؟ قَالَ: «تمنعه من الظُّلْمِ، فَإِنَّ ذَلِكَ نَصْرُهُ».
وما أجمل ما قاله سلمان رضي الله عنه:

أبي الإسلامُ لا أب لي سواه  —    إذا افتخروا بقيس أو تميمِ

ربِّ صلِّ وسلِّم وبارك على نبيِّنا محمدٍ، وعلى آله وصحبه أجمعين

اتمنى ان يناقش على مستوى وزارة الاعلام وضمن مناهج التعليم وفي الصحافة وجميع وسائل الاعلام المقرؤ والمسموع والمرئي منها ليس لكونه يمس وحدة الامة فقط ولكن لكونه ناقوسا ينذر بخطر قادم مع العولمة , ولكون اليهود هم المحركون لجميع مشاكل العالم بما فيها مشاكلنا خاصة, ولكننا مع الاسف لانرى ما خلف التبة او ( او العرقوب) (او النازيه) او الجبل , ولان نظرتنا جميعا المسؤول والمواطن لاترقى لخطورة الحدث, ولو قرأنا لابن اليهودية — بن قوريون اول رئيس وزراء للدولة الصهوينية عام 1948 بعد استقلال الكيان الغاصب( عندما الف كتابا حول التركيبة السكانية للعالم العربي) وسهولة التلاعب فيها واللعب على اوتار والحان العنصرية والمذاهب.
هناك اسباب عديدة لهذه الظاهرة منها:
1. ضعف الوازع الديني.
2.ضعف الوعي لدى المسؤول والمواطن( تجد منا من يحمل شهادات علياء ومثقف ولكن عندما ناتي لدور الوعي الوطني في عقليته وشخصه ومستواه الثقافي نجده ضحل جدا وفارغا من مفهوم الوعي الوطني الا من وفق الله.
3. وسائل الاعلام لدينا توجهها مسير وليس لديها الوعي على مستوى الوطن لبناء وتقوية اللحمة الوطنية.
4. وسائل الاعلام لدينا ينقصها الوعي على مستوى المسؤولين فيها الا من هدى الله وهو حالات استثنائية,.
5. وسائل الاعلام لدينا تفاعلها وقتيا اي وقت الحدث وليست بذات توجه ديمومي اي انها فقط تتفاعل مع الحدث( وبعدها وداعتك يا شجره) اي انه لايوجد لديها ادامة الموضوع والتحدث عنه والاستمرار في خلق الوعي لفترات طويله, مثلها في ذلك يوم الصحه ويوم المرور ويوم ويوم وهلم جرى.
6 .المناهج لدينا ليست لخلق المواطن الصالح وارضاع الطفل حب الوطن وخلق الوطنية ودمجه مع امال امته والامها, لانه ينقصها بلورة الفكر التوعوي وارضاعه للدارس حسب سني عمره وحتى يتخرج الطالب او الطالبة من الجامعة ولديه احساسه وشعوره الوطني بتفاعله مع محيطه المجتمعي والوطني.
7. الوعي لاينحصر فقط في محاربة العنصرية وانما يجب ان يشمل الصحة وحفظ الممتلكات العامة والنظافة وعدم استغلال مرافق الدولة وممتلكاتها بطريقة سيئة تضر بالصالح العام( جلد ماهوب جلدك جره على الشجر) وحتى الشوك.
8.اذهب لاي وادي( شعيب ) او ساحل او منتزه عام وسترى العجب العجاب — الوساخات والنفايات وكأن هذا المكان ملك لشخص ما وكأننا نرغب بالانتقام منه , مع ان اكثر من يستخدمه نحن وليس الدولة.
مع الاسف على مستوى جامعاتنا يتخرج الطالب والطالبة وعقليته هي عقلية اول متوسط لان الخلل في المناهج , والتربية , والقدوة , والسلوك الحسن, لاننا نفتقدها على مستوى المجتمع ( الحارة) الحي وعلى مستوى المسجد وعلى مستوى المدرسة, فكيف لام المستقبل البنت وهي نصف المجتمع وتلد لنا النصف الاخر (هي امة بكاملها اذا احسنا تربيتها ووقفنا معها وخلفها ندعمها وندفعها للامام) وكذلك الولد عندما نربيه ونزرع بداخله منذ سني عمره الاولى حب الوطن والتضحية والايثار من خلال التربية والتعليم والقدوة والأسوة الحسنه( عندها نخلق فيه رجل المستقبل وامل الامة – لان الشباب هم رصيد الامة وامل المستقبل) فكيف لهم ولامهات المستقبل ؟؟؟؟؟؟؟؟!!!
9. التعصب القبلي لم يات من فراغ ومعناه انه نار تحت رماد , والمدرسة لم تؤد دورها والمعلمين ايضا الا حالت
استثناء كل هذه العوامل وغيرها عمقت الهوة وعمقت العصبية لدى الاب والمسؤول والمعلم وبالاخير هي في اولادنا وهي افرازات الكبار وتربية المجتمع وتوجهه.
10 . الدين لم يقل ان الفضل لعربي على عجمي باصله وانما قال لا فضل لعربي على اعجمي( من لايجيد اللغة العربية) الا بالتقوى وربطها بالدين وحتى اختيار الزوجة وضع لها شروط بما فيها شرط ذات الدين تربت يداك.
12 . عندما يكون هناك دين ووسائل تواصل وقدوة حسنة وايثار وتضحية وزرع في النفوس من خلال الية وطرق منهجية, عندها ربما يصلح حالنا ضد العنصرية .
13 .مع الاسف يوجد لدينا محافظة مصطنعة غير واقعية ( اقصد مجتمعنا مثله مثل اي مجتمع يتطور وياخذ ويلغي ويمرض ويشفى ) ولكننا لا نناقش امورنا بواقعية وبكل تجرد من الانا , تجدنا لانتطرق لما ينخرع عضام مجتمعنا بل نتحدث عنه باستحياء وكانه مرض نقص المناعة( الايد) ونحاول نفي الواقع ولا نناقشه بهدف الاصلاح حتى يستشري الخطر ويكبر الشق على الراقع.
14. لماذا لانتقبل مثل غيرنا ان لدينا سلبيات واننا يجب ان نبحث عنها بهدف اصلاحها وليس بهدف النقد للنقد وانما بهدف الصالح العام للامة والمجتمع.
15. نحن لسنا ملائكة بل بشر ونخطئ ونصيب ويجب ان يكون هناك هدف عام نسعى لتحقيقه واصلاح الخلل اينما وجد , ولنطبق الاية الكريمة( ان الله لايغير مابقوم حتى يغيروا ما بانفسهم) فهل نحن مستعدون للتغير من خلال الية مؤطرة وموزونة تتفاعل معها جميع اجهزة الدولة والمواطن ام ننتظر للحوادث والاحداث حتى تجرفنا في سبيلها ونقف ننتظر عن ماذا ستسفر هذه الاحداث ؟؟
16.مع الاسف اننا امة صنعت التاريخ ولم تستفد منه فنحن صنعنا اوروبا بتاريخنا وهي استفادت وصنعت امريكا بينما نحن محلك سر~.
17 .ماذا بخصوص العصبية المناطقية ايضا؟؟؟
وهي لها نصيبها من التعصب الجهوي( شمال جنوب وسط شرق غرب الخ) . {–>
18. انظر عندما نلقي النكت على بعض مناطقنا وكأنها لاتمت لدولتنا بصلة اليس هذا تعصبا وقصورا بالمفهوم الوحدوي ونقصا وخللا بالتربية وانعداما للقدوة .
19. لماذا نتهكم على بعض مناطقنا وهي كلها غالية( واي جزء منها بعد او قرب شمل او شرق او غرب او وسط اوجنب) كلها غالية ومتساوية كونها من تراب هذا الوطن ومن ارضه المقدسة فقدسية ارضنا كلها واحدة , فلماذا لانتحدث وبصراحة عندما ننشر بالانترنت والجوالات النكت التي تنال من تلك المنطقة او المحافظة لماذا نتقبلها نحن كمواطنين واباء ومسؤولين , واين حدود وصلاحيات المسؤولية هل هي تنتهي بانتهاء الدوام فقط ام انها مستمرة طالما انت بهذا المنصب وهل الاصلاح مرتبط فقط بالمسؤولين المباشرين ام ان علينا نحن كمواطنين مسؤولية مستمرة كوننا جزء من هذا المجتمع نتاثر بما يجري فيه او عليه , وما المانع ان يكون لدينا الوعي بالابلاغ عن اي حدث او مشكلة تضر بالمجتمع من خلال الجهات والاجهزة الرسمية التي لديها صلاحية اتخاذا القرار وتصليح الوضع بما يخدم المجتمع نفسه, اذا كنت انا وانت لانملك الصلاحية بهذا الخصوص فلماذا لانلجا لمن لديه القرار؟.
20. لماذا نحن امة تنتقد فقط ولكن لاتنقد بهدف الاصلاح( هل نحن فعلا امة منحت الجدل وحرمت العمل) مجرد سؤال؟؟؟؟؟؟؟!!!!!
21. اتمنى من كل واحد فينا ان يضع نصب عينيه انه جزء من هذا المجتمع وان عليه مسؤولية وان له حقوق وعليه واجبات , وان هذه الارض التي اقلته وسماؤه التي اظلته لها عليه حقوق وان عليه التفاعل مع مجتمه ومشاكل امته , وان الوعي يجب ان يرضع لاطفالنا مع حليب امهاتهم , وان الوعي ليس مشلحا( بشتا البسه واتشدق بالكلام ) امام الاخرين وفي الواقع انا شخصية متغيرة متذبذبة , تجدني عشر شخصيات في ثوب واحد واذا كان هذا هو حال المجتمع فمن اين لنا القدوه وكيف لمجتمعنا ان يتطور ( ليس تعميما عاما) وانما لكل حالة شواذ , والحالة الشاذة ليس معيارا للحكم.
22.اتمنى ان نكون واقعيين وان نراجع انفسنا وان نحاسبها قبل ان نحاسب , وان يكون معيار مصداقيتنا هو الفعل المصحوب بالنوايا والوعي , وان يعلو فعلنا على اقوالنا.
23. لايعذر اي شخص مهما كان في محاربة العنصرية القبلية والمناطقية مهما كان موقعه او وضعه مسؤولا كان او مواطنا ايا كان وفي اي وقت كان واي مكان كان, ليس فقط من المنظور الديني ولكن من المسؤولية الاجتماعية , فلنبدأ اولا ببيوتنا واهلينا ومنها ننتقل الى المسجد والحي ومنها ليكن هدفنا موجها نحو تحقيق وحدة الامة وتقوية لحمة المجتمع والقبيلة والاسرة.
24.هذا هو معيار الوطنية والوعي والايثار فهل نحن مستعدون

 

أضف تعليق